فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{قال ربي} بالألف: حمزة وعلي وحفص. الباقون {قل} على الأمر {نوحي} بالنون مبنيًا للفاعل: حفص غير الخراز. الباقون: بالياء مجهولًا.

.الوقوف:

{معرضون} ج للآية مع احتمال كون ما بعده صفة أو استئنافًا. {يلعبون} لا لأن {لاهية} حال أخرى مترادفة أو متداخلة من ضمير {يلعبون} وهي لقلوبهم في المعنى. {قلوبهم} ط {مثلكم} ج لابتداء الاستفهام مع اتحاد المقول {تبصرون} o {والأرض} ز لاتفاق الجملتين مع استغناء الثانية عن الأولى {العليم} o {شاعر} ج لاختلاف النظم مع اتحاد المقول {الأولون} o {أهلَكِناها} ج لابتداء الاستفهام مع اتحاد المقول {يؤمنون} o {لا تعلمون} o {خالدين} o {المسرفين} o {ذكركم} o {تعقلون} o {آخرين} o {يركضون} o ط لتقدير القول {تسألون} o {ظالمين} o {خامدين} o {لاعبين} o {من لدنا} o على جعل أن نافية والأصح أنها للشرط {فاعلين} o {زاهق} لا {تصفون} o {والأرض} ط لأن ما بعده مبتدأ {يستحسرون} o ج لأن ما بعده يصلح حالًا واستئنافًا، {لا يفترون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)}.
اعلم أن قوله تعالى: {اقترب لِلنَّاسِ حسابهم} فيه مسائل:
المسألة الأولى:
القرب لا يعقل إلا في المكان والزمان، والقرب المكاني هاهنا ممتنع فتعين القرب الزماني، والمعنى اقترب للناس وقت حسابهم.
المسألة الثانية:
لقائل أن يقول كيف وصف بالاقتراب، وقد عبر بعد هذا القول قريب من ستمائة عام والجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه مقترب عند الله تعالى والدليل عليه قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَن يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوما عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].
وثانيها: أن كل آت قريب وإن طالت أوقات ترقبه، وإنما البعيد هو الذي انقرض قال الشاعر:
فلا زال ما تهواه أقرب من غد ** ولا زال ما تخشاه أبعد من أمس

وثالثها: أن المعاملة إذا كانت مؤجلة إلى سنة ثم انقضى منها شهر، فإنه لا يقال اقترب الأجل أما إذا كان الماضي أكثر من الباقي فإنه يقال: اقترب الأجل، فعلى هذا الوجه قال العلماء: إن فيه دلالة على قرب القيامة، ولهذا الوجه قال عليه السلام: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وهذا الوجه قيل إنه عليه السلام ختم به النبوة، كل ذلك لأجل أن الباقي من مدة التكليف أقل من الماضي.
المسألة الثالثة:
إنما ذكر تعالى هذا الاقتراب لما فيه من المصلحة للمكلفين فيكون أقرب إلى تلافي الذنوب والتحرر عنها خوفًا من ذلك، والله أعلم.
المسألة الرابعة:
إنما لم يعين الوقت لأجل أن كتمانه أصلح، كما أن كتمان وقت الموت أصلح.
المسألة الخامسة:
الفائدة في تسمية يوم القيامة بيوم الحساب أن الحساب هو الكاشف عن حال المرء فالخوف من ذكره أعظم.
المسألة السادسة:
يجب أن يكون المراد بالناس من له مدخل في الحساب وهم المكلفون دون من لا مدخل له، ثم قال ابن عباس: المراد بالناس المشركون.
وهذا من إطلاق اسم الجنس على بعضه للدليل القائم وهو ما يتلوه من صفات المشركين أما قوله تعالى: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} فاعلم أنه تعالى وصفهم بأمرين الغفلة والإعراض.
أما الغفلة فالمعنى أنهم غافلون عن حسابهم ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم مع اقتضاء عقولهم أنه لابد من جزاء المحسن والمسىء ثم إذا انتبهوا من سنة الغفلة ورقدة الجهالة مما يتلى عليهم من الآيات والنذر أعرضوا وسدوا أسماعهم.
أما قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ ابن أبي عبلة {محدث} بالرفع صفة للمحل.
المسألة الثانية:
إنما ذكر الله تعالى ذلك بيانًا لكونهم معرضين، وذلك لأن الله تعالى يجدد لهم الذكر وقتًا فوقتًا ويظهر لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ليكرر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون، فما يزيدهم ذلك إلا لعبًا واستسخارًا.
المسألة الثالثة:
المعتزلة احتجوا على حدوث القرآن بهذه الآية فقالوا: القرآن ذكر والذكر محدث فالقرآن محدث، بيان أن القرآن ذكر قوله تعالى في صفة القرآن: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ للعالمين} [ص: 87] وقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] وقوله: {ص والقرءان ذِي الذكر} [ص: 1] وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9] وقوله: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [يس: 69] وقوله: {وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أنزلناه} [الأنبياء: 5] وبيان أن الذكر محدث قوله في هذا الموضع: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ} وقوله في سورة الشعراء: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن الرحمن مُحْدَثٍ} [الشعراء: 5] ثم قالوا: فصار مجموع هاتين المقدمتين المنصوصتين كالنص في أن القرآن محدث.
والجواب من وجهين:
الأول: أن قوله: {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ للعالمين} وقوله: {وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ} إشارة إلى المركب من الحروف والأصوات فإذا ضممنا إليه قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ} لزم حدوث المركب من الحروف والأصوات وذلك مما لا نزاع فيه بل حدوثه معلوم بالضرورة، وإنما النزاع في قدم كلام الله تعالى بمعنى آخر.
الثاني: أن قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ} لا يدل على حدوث كل ما كان ذكرًا بل على ذكر ما محدث كما أن قول القائل لا يدخل هذه البلدة رجل فاضل إلا يبغضونه، فإنه لا يدل على أن كل رجل يجب أن يكون فاضلًا بل على أن في الرجال من هو فاضل وإذا كان كذلك فالآية لا تدل إلا على أن بعض الذكر محدث فيصير نظم الكلام هكذا القرآن ذكر وبعض الذكر محدث وهذا لا ينتج شيئًا كما أن قول القائل: الإنسان حيوان وبعض الحيوان فرس لا ينتج شيئًا فظهر أن الذي ظنوه قاطعًا لا يفيد ظنًا ضعيفًا فضلًا عن القطع.
أما قوله: {إِلاَّ استمعوه وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
أن ذلك ذم للكفار وزجر لغيرهم عن مثله لأن الإنتفاع بما يسمع لا يكون إلا بما يرجع إلى القلب من تدبر وتفكر، وإذا كانوا عند استماعه لاعبين حصلوا على مجرد الاستماع الذي قد تشارك البهيمة فيه الإنسان ثم أكد تعالى ذمهم بقوله: {لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} واللاهية من لهى عنه إذا ذهل وغفل، وإنما ذكر اللعب مقدمًا على اللهو كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: 36] تنبيهًا على أن اشتغالهم باللعب الذي معناه السخرية والإستهزاء معلل باللهو الذي معناه الذهول والغفلة، فإنهم أقدموا على اللعب للهوهم وذهولهم عن الحق، والله أعلم بالصواب.
المسألة الثانية:
قال صاحب الكشاف: {وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} حالان مترادفان أو متداخلان ومن قرأ لاهية بالرفع فالحال واحدة لأن لاهية قلوبهم خبر بعد خبر لقوله: {وَهُمْ}.
أما قوله: {وَأَسَرُّواْ النجوى الذين ظَلَمُواْ} ففيه سؤالان:
السؤال الأول: النجوى وهي اسم من التناجي لا تكون إلا خفية فما معنى قوله: {وَأَسَرُّواْ النجوى}.
الجواب: معناه بالغوا في إخفائها وجعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم.
السؤال الثاني: لم قال: {وَأَسَرُّواْ النجوى الذين ظَلَمُواْ}.
الجواب: أبدل الذين ظلموا من أسروا إشعارًا بأنهم هم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به أو جاء على لغة من قال: أكلوني البراغيث أو هو منصوب المحل على الذم أو هو مبتدأ خبره: {أَسَرُّواْ النجوى} قدم عليه والمعنى وهؤلاء أسروا النجوى فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلًا على فعلهم بأنه ظلم.
أما قوله: {هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السحر وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
قال صاحب الكشاف هذا الكلام كله في محل النصب بدلًا من النجوى أي وأسروا هذا الحديث ويحتمل أن يكون التقدير وأسروا النجوى وقالوا هذا الكلام.
المسألة الثانية:
إنما أسروا هذا الحديث لوجهين: أحدهما: أنه كان ذلك شبهة التشاور فيما بينهم والتحاور في طلب الطريق إلى هدم أمره، وعادة المتشاورين أن يجتهدوا في كتمان سرهم عن أعدائهم.
الثاني: يجوز أن يسروا نجواهم بذلك ثم يقولوا لرسول الله والمؤمنين إن كان ما تدعونه حقًّا فأخبرونا بما أسررناه.
المسألة الثالثة:
أنهم طعنوا في نبوته بأمرين: أحدهما: أنه بشر مثلهم.
والثاني: أن الذي أتى به سحر، وكلا الطعنين فاسد.
أما الأول: فلأن النبوة تقف صحتها على المعجزات والدلائل لا على الصور إذ لو بعث الملك إليهم لما علم كونه نبيًّا لصورته، وإنما كان يعلم بالعلم فإذا ظهر ذلك على من هو بشر فيجب أن يكون نبيًّا، بل الأولى أن يكون المبعوث إلى البشر بشرًّا لأن المرء إلى القبول من أشكاله أقرب وهو به آنس.
وأما الثاني: وهو أن ما أتى به الرسول عليه السلام سحر وأنهم يرون كونه سحرًا فجهل أيضًا، لأن كل ما أتى به الرسول من القرآن وغيره ظاهر الحال لا تمويه فيه ولا تلبيس فيه.
فقد كان عليه السلام يتحداهم بالقرآن حالًا بعد حال مدة من الزمان وهم أرباب الفصاحة والبلاغة، وكانوا في نهاية الحرص على إبطال أمره وأقوى الأمور في إبطال أمره معارضة القرآن فلو قدروا على المعارضة لامتنع أن لا يأتوا بها لأن الفعل عند توافر الدواعي وارتفاع الصارف واجب الوقوع، فلما لم يأتوا بها دلنا ذلك على أنه في نفسه معجزة وأنهم عرفوا حاله.
فكيف يجوز أن يقال: إنه سحر والحال على ما ذكرناه، وكل ذلك يدل على أنهم كانوا عالمين بصدقه، إلا أنهم كانوا يموهون على ضعفائهم بمثل هذا القول وإن كانوا فيه مكابرين. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} أي اقترب منهم، وفيه قولان:
أحدهما: قرب وقت عذابهم، يعني أهل مكة، لأنهم استبطؤواْ ما وُعِدواْ به من العذاب تكذيبًا، فكان قتلهم يوم بدر، قاله الضحاك.
الثاني: قرب وقت حسابهم وهو قيام الساعة.
وفي قربه وجهان:
أحدهما: لابد آت، وكل آت قريب.
الثاني: لأن الزمان لكثرة ما مضى وقلة ما بقي قريب.
{وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: في غفلة بالدنيا معرضون عن الآخرة.
الثاني: في غفلة بالضلال، معرضون عن الهدى.
قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ} التنزيل مبتدأ التلاوة لنزوله سورة بعد سورة. وآية بعد آية، كما كان ينزله الله عليه في وقت بعد وقت.
{إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ} أي استمعوا تنزيله فتركوا قبوله.
{وَهُمْ يَلْعَبُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: أي يلهون.
الثاني: يشتغلون. فإن حمل تأويله على اللهو احتمل ما يلهون به وجهين: أحدهما: بلذاتهم.
الثاني: بسماع ما يتلى عليهم.
وإن حمل تأويله على الشغل احتمل ما يشتغلون به وجهين: أحدهما: بالدنيا، لأنها لعب كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد: 20].
الثاني: يتشاغلون بالقَدْحِ فيه والاعتراض عليه.
قال الحسن: كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل.
قوله عز وجل: {لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني غافله باللهو عن الذكر، قاله قتادة.
الثاني: مشغلة بالباطل عن الحق، قاله ابن شجرة، ومنه قول امرئ القيس:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ** فألهيتها عن ذي تمائم محوِلِ

أي شغلتها عن ولدها.
ولبعض أصحاب الخواطر وجه ثالث: أنها غافلة عما يراد بها ومنها.
{وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} فيه وجهان:
أحدهما: ذكره ابن كامل أنهم أخفوا كلامهم الذي يتناجون به، قاله الكلبي.
الثاني: يعني أنهم أظهروه وأعلنوه، وأسروا من الأضداد المستعملة وإن كان الأظهر في حقيقتها أن تستعمل في الإِخفاء دون الإِظهار إلا بدليل.
{هَلْ هذا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} إنكارًا منهم لتميزه عنهم بالنبوة.
{أَفَتأتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} ويحتمل وجهين:
أحدهما: أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر.
الثاني: أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعرفون الحق. اهـ.